الخميس، 15 يناير 2015

اتق الله يا عمر، ولا تفتني


أرسل عمر بن الخطاب إلى سعيد بن عامر الجمحي، فقال: إنا مستعملوك. فقال: اتق الله يا عمر، ولا تفتني. فقال: والله لا أدعكم، جعلتموها في عنقي، ثم تخليتم عني، إني إنما أبعثك على قوم لست بأفضلهم، ولست أبعثك عليهم لتضرب أبشارهم، ولا تنتهك أعراضهم، ولكنك تجاهد بهم عدوهم، وتقسم فيهم فيئهم. قال: اتق الله يا عمر، ولا تفتني، وأقم وجهك وقضاءك لمن استرعاك الله من قريب المسلمين وبعيدهم، ولا تقصر في أمر واحد قضاءين، فيختلف عليك أمرك وتزيغ عن الحق، والزم الأمر والحجة يعينك الله على ما ولاك، خض الغمرات إلى الحق حيث علمته، ولا  تخش في الله لومة لائم. قال عمر: ويحك، من يطيق هذا يا سعيد بن عامر؟ قال: من قطع الله في عنقه مثل الذي قطع في عنقك، إنما عليك أن تأمر فيطاع أمرك أو يترك، فتكون لك الحجة، قال عمر: إنا سنجعل لك رزقا، قال: قد جعل لي ما يكفيني دونه، وما أنا مزداد من مال المسلمين شيئا، يعني عطاءه. فكان إذا خرج عطاءه نظر إلى قوت أهله من طعامهم وشرابهم فعزله، ونظر إلى بقيته فتصدق به، فيقال له: أين مالك؟ فيقول: أقرضته، فأتى ناس من قومه، فقالوا له: إن لقومك عليك حقا. قال: ما أستأثر عليهم وإن يدي مع أيديهم، وما أنا بطالب رضى أحد من الناس بطلبتي الحور العين، لو اطلعت منهن واحدة لأشرقت لها الأرض كما تشرق الشمس لأهل الدنيا، وما أنا متخلف عن العنق الأول، بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يجيء فقراء المسلمين يزفون كما تزف الحمام، فيقال لهم: قفوا للحساب، فيقولون: والله ما تركنا شيئا نحاسب عليه، فيقول الله عز وجل: صدق عبادي، فيدخلون   الجنة قبل سبعين "، أو قال: «أربعين عاما»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق