بعث
أبو موسى إلى عمر ألف ألف درهم، فلما جاء بالمال بكى حتى رحمه المسلمون، قالوا: ما
يبكيك يا أمير المؤمنين؟ أليس هذا خير، فتح الله للمسلمين وزادهم؟ قال: " لو كان
خيرا لم يحجب عن نبي الله وعن أبي بكر، ثم قال: لا تفارقوا هذا المال حتى تصلوا
الغداة، ولا دخل في أي دار، فبات المهاجرون عليه حتى أصبحوا، ثم أصبح فقسمه ". فجاء
بني له يكنى أبا شحمة، فأخذ درهما، ثم خرج يشتد، فسأل فأخبره عبد الرحمن بن عوف، فخرج يشتد إثر ابنه،
فلما سمع وقع أبيه طار قلبه، فدخل إلى أهله وهو يصيح، فانتزع الدرهم من فيه، ثم جاء
حتى طرحه في المال، فقال عبد الرحمن: أف، قال: أي تؤفف يا عبد الرحمن؟ قال: نعم،
خلعت قلبه من أجل درهم، قال عمر: إن الدرهم ليس له ولأبيه. فدعا جاريته، فقال: أعطي
الغلام درهما من تلك السبعة الدراهم التي بقيت من الورق بعد حقوق الناس بقية.
فذاكرها قريشا، فقال قوم: نرى أن تقسمها بين عيال المهاجرين. فقال: فإني متكلم
العشية، فتكلموا، انظروا ما تقول لكم العرب، فقام، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أيها الناس، قد بقي منكم فضلة بعد حقوق الناس، فما ترون فيها؟ فقام صعصعة بن صوحان
وهو غلام شاب، فقال: يا أمير المؤمنين، إنما يستشار العباد فيما لم ينزل الله به
القرآن، فأما ما أنزل الله به القرآن ووضعه مواضعه، فضعه في مواضعه التي وضعه الله،
قال: صدقت، أنت مني وأنا منك، فقسمه بين المسلمين "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق